الجمعة، 15 يونيو 2012

مشروع سومونتي


مشروع سومونتي*
توطئة: في الرابع من مارس الماضي، وبعد انتظارات طويلة لظهور بعض مؤشرات التعافي من استفحال الأزمة الإقتصادية بإسبانيا، بدا لمجموعة من المياومين القرطبيين أن الحكومات المتعاقبة سواء على المستوى المحلي او الوطني، قد أخت على عاتقها إنقاذ مؤسسات مالية مفلسة أصلا عوض ان تحل مشكلة الجماهير التي صوتت لها، وبدل أن تعالج مشكل تفاقم البطالة بإيجاد الشغل والعمل، اتجهت لتعقيد الأمور بإعطاء اولوية قصوى لسد ديونها على حساب قضايا الصحة والتربية والشغل في عملية تشريع إصلاحية تعيد إسبانيا قرنا إلى الوراء مقابل رزمة من القروض يوحي بها البنك المركزي الأوربي والدوائر المالية الأخرى، وفي خضم الحراك السياسي المصاحب لهذا المخاض، في تعدد تياراته السياسية والإيديولوجية، بدت بعض ملامح الثورة الجديدة تأخذ تشكلها وتتبلور كبديل سياسي في تدبير قضايا الجماهير: تبنى شباب 15 ماي عدة قضايا كان اهمها على الإطلاق الإتجاه نحو تاسيس ماسموه بالبنك الحضاري ومقترح بديل للديموقراطية البرجوازية يتلخص في حق جميع الجماهير التصويت في البرلمان عن طريق الفضاء المفترض ، عدة تيارات شبابية ونقابية وسياسية تتبنى مواقف متجددة تبشر ببركان متفجر: اقتحام المؤسسات البنكية رمز الفساد، احتلال منازل وشقق فارغة، التضامن الإجتماعي مع قضايا كانت إلى وقت قريب لا تثير أية إثارة كمسألة الإفراغ من محل ما، في منطقة الأندلس قامت إحدى النقابات العمالية بتبني نهج نضالي مختلف يتجلى في انتزاع اراضي الجموع والأراضي الغير المستغلة والتي تنتمي لملاكين كبار كانوا انتزعوها سابقا من الأهالي والسكان المحليين، واتخذت هذا النهج كاستراتيجية نضالية بديلة لأسلوب التظاهر والإضرابات وكتابة البيانات التنديدية. ففي إقليم قرطبة مثلا قام مجموع مناضلي هذه النقابة باحتلال مزرعة سومونتي التي تبلغ مساحتها حوالي 400 هكتار، والتي كانت الحكومة المحلية الاندلسية تنوي تفويتها للقطاع البنكي، وبدأو مباشرة في العمل فيها رغم وجود المشاكل المثيرة حول الموضوع: صراع يومي مع رجال الأمن (كر وفر)، حكم قضائي بالإفراغ، عقوبات زجرية، دعائر قاسية وما إلى ذلك...
في الأيام الاخيرة نشروا عبر الفضاءات الإجتماعية مشروعهم حول سومنتي الذي نورده في هذه الورقة مترجما بتصرف إلى اللغة العربية كتجربة رائدة في الإبداع النضالي الجديد حيث سيثير على ما اعتقد اشكالا في الممارسة السياسية للشباب خصوصا بالمنطقة المغاربية حيث الكثير من اراضي الجموع او اراضي السلالات الأصلية تفوتها الدول المغاربية للشركات الأوربية والمشرقية مجانا رغم انها في ملكية الجماعات.
إن تجربة سومونتي قد لقت دعما عالميا منقطع النظير رغم الإجحاف الإعلامي الرسمي الذي حاول منذ البداية طمسها، إن الدعم هذا ليس فقط دعما معنويا بل هو دعم بأشكاله المتعددة: دعم مالي، دعم سياسي وغيديولوجي، تطوع فعلي في العمل، دعم مادي آخر في تجهيز المزرعة بعدة العمل وما إلى ذلك …

مشروع سومونتي الذي انبثق عن تجمعات العمال والعاملات لأجل العمل في الأراضي الجماعية المنتزعة
(سومونتي، شهر ماي من سنة 2012)

في الوقت الذي نجد الشعوب تفتقد حقيقتها الثورية لكي تحقق حياتها الإجتماعية عن طريق الديموقراطية البرجوازية، فإن الفتح المبين لهذه الجماهير أصبح مستحيلا، إن النضال الطبقي لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار التحالف الطبقي، ولا يمكن ان ننتظر من هؤلاء الكائنات السياسية أن يحلوا مشاكلها الحقيقية، إن اوراق لعبتهم ليست سوى ديماغوجيا الإستغلال والكذب، ليس هناك ثورة أخرى ممكنة كالتي يمكن أن تحققها الطبقة العاملة، والطبقة العاملة في إطار نقابة العمال الزراعيين التي هي في إطار النقابة الأندلسية للعمال(1)، قادرة أن تحقق ثورة زراعية عميقة في الأندلس.
نعيش أوقاتا صعبة هذه الأيام، لكنها اوقات من الضروري ان نكون في صلبها، لقد مر وقت النضال البلاغي عن طريق البيانات او عن طريق المظاهرات وحان الوقت الذي فيه واجب على الشعوب الكادحة والمياومة ان تناضل.. أن تناضل حتى الإنتصار النهائي، ويبدوا مبالغا هذا القول منا لكنه مبالغ فقط بالنسبة لأولئك الذين تشبعوا بالتساهل والصمت على الإستغلال والإذلال المستحق.
نذكر أولئك السياسيين المتواجدين الآن في الحكومة بأنه لم يكن في وسعهم الوصول إلى إلى هناك حيث يتحملون المسؤولية إلا بفضل أصواتنا في الإنتخابات، ولكن بالطريقة نفسها التي رفعناهم بها إلى السلطة نستطيع أيضا إنزالهم إذا نفذ صبرنا.
إن الحالة في مدن وقرى الاندلس تبدوا سيئة للغاية، ولذلك قام العمال المياومون والمعطلون بمنطقة قرطبة المحادية لمجاري نهر الواد الكبير حيث أوضحنا طريقنا النضالي باحتلال مزرعة سومونتي التي تبلغ حوالي 400 هكتار كما باشرنا بالعمل فيها.
في بلادنا الأندلس هذه توجد الكثير من الأراضي الزراعية الصالحة للعمل الإجتماعي (الزراعة الإجتماعية بالترجمة الحرفية)، وكانت في اوقات سابقة تستغل من طرف الطبقة الزراعية في زراعة القمح والذرة بانواعه والتي هاجرها البعض من هذه الطبقة فقط لأجل العيش على المساعدات الفلاحية، كل هذه المزارع الآن، في يد ثلاثة او أربعة من ملاكي الاراضي الذين تركوها بشكل نهائي في يد البلديات والجماعات القروية، والتي سابقا او قديما هي ملك جماعي لسكانها.
بأيدينا وبأيدي ابنائنا الذين يعيشون البطالة المذقعة، ولأنه لم يبقى لنا من ضروريات العيش سوى احتلال الأرض فقد احتلنا سومونتي، وبعملنا وكدحنا نستطيع إنتاج ما لم تنتجه هذه الأراضي سابقا، وهكذا سنضع نهاية للبؤس والإستغلال كما سنغني بأيدينا منطقتنا، ونحن على يقين بأننا بعملنا هذا لم نلحق أذى او ضررا بأحد، ولذا ندعو ان يتركون نقوم بشكل سلمي بعملنا.
المشاريع المقررة
لدينا الآن اراضي، بعضها صالحة وبعضها خصبة أكثر فمالذي يتوجب علينا عمله؟
يجب أن نشتغل في هذه الأراضي بكل ايدينا وزراعتها بكل انواع الزراعات ذات الطابع الإجتماعي (زراعة توفر الشغل لليد العاملة) كبديل ينبني على التعاون الجماعي كما يوفر الشغل طيلة السنة.
في المدى القصير
  1. في المزرعة حيث الاراضي المروية، قمنا بتجهيزها من خلال تنقيتها من الأعشاب الضارة والحجارة ومن خلال عملية حرث اولية،كما قمنا بتركيب وتجديد أدوات الضخ وإصلاح وتجديد قنوات السقي في افق زراعة ثلاث هكتارات (لأجل زراعة الفلفل والقرعة ومادة الشمندر)
  2. تشجيع شباب وسكان المنطقة من خلال دوروت تكوينية وعملية يومية باعتبار أيضا التكوين الإيديولوجي احد اهم سمات العمل الثوري إلى جانب التكوين المهني في مشروعنا، في كل أيام الآحاد وابتداء من يونيو سنخصص اياما دراسية حول العمل التعاوني وكيفية إنشاء التعاونيات، دروس حول الزراعات، حول المهن الزراعية الجديدة، عملية تشذيب الزيتون، تطعيم المنتوجات وكذلك طرق زراعة البذور وبشكل عام تعليم أعمال الفلاحة وعاداتها وكذا تعليم التكيف في العيش داخل الحقول.
في المدى المتوسط
  1. بالنسبة لهذا الصيف فإن الشيء الذي يحتل الأولوية القصوى والمهم في عملنا هو الماء الذي يشكل الضرورة في مشروعنا هذا، بحيث يجب البحث عنه وحفر بعض الآبار الجوفية مع بناء خزانات مائية تملأ بمياه هذه الآبار او بناء سد لها السعة الكافية لسقي كل هذه الأراضي.
  2. في موسم الشتاء سنقوم على زراعة البذور من خلال تهييء 59 هكتار منها 20 هكتار سنخصصها لزراعة الهليون وبعض الخضراوات المتعاقبة كالبصل والجنجل والخرشوف والبطاطس وغيرها حسب طبيعة التربة والأرض...
    الزراعات هذه بالإضافة إلى ماتوفره من مواد الإنتاج توفر أيضا كثيرا من اليد العاملة
  3. تقرر زرع 27 هكتار من اشجار الزينون إضافة إلى 10 هكتارات من اشجار اللوز والفستق الحلبي في المناطق الجافة حيث سنعتمد الوسائل التقليدية والزراعة البعلية طيلة الصيف في انتظار توفر الماء
  4. إعادة غرس وتشجير المناطق المجاورة ومجاري المياه الطبيعية بالأشجار الأصلية بالمنطقة: اشجار البلوط الأخضر والبلوط الفليني، وهكذا وكمساهمة في التنمية البئية لصالح الأجيال المستقبلية، مع الأخذ بعين الإعتبار انه مع مرور الوقت ستوفر هذه المواد فرصا للشغل بخصوص بلوط الفلين، كما يوفر البلوط الأخضر علفا قيما للحيوانات المدجنة، كما تساهم هذه الأشجار في حفظ التربة من التعرية وتحسين البيئة الطبيعية.
  5. العمل على توفير قطيع من الأغنام والمعز،باعتبار المزرعة تتوفر على مراعي خصبة، إضافة إلى وجود هكتارات كافية لزراعة الأعلاف التي ستحل محل الأعشاب الطبيعية حالة الندرة. هذا القطيع بالإضافة إلى فرص الشغل التي يوفرها يمكن ايضا من إنتاج بعض موادنا الأساسية في التغذية كالجبنة واللحوم والحليب والصوف وما إلى ذلك..
في المدى البعيد
  1. تحقيق سقي كامل لأراضي سومونتي، بحفر مزيد من الآبار، هذا لا يعني التخلي عن نضالنا لأجل الحصول على الماء ضدالإدارة المختصة باعتبار سومونتي تقع ضمن المناطق المسقية لنهر الخينيل الذي يقع على بعد ثلاث كلمترات من المزرعة. في هذه الحالة، وحين تحقيق سقي كامل المزرعة، سنكون قد وفرنا العيش والحياة الكريمة لعائلات عديدة تتراوح بين 50 و100 أسرة.
  2. إنشاء معامل لتحويل وتصنيع المنتجات الزراعية عبر تعبئة وتعليب اوتغليف المواد المنتجة من سومونتي (دائما في إطار العمل التعاوني) ثم توزيعها أوتسويقها وفق نمط اقتصادي عادل ومتضامن.

الإستنتاجات
هذه هي الأهداف المبدئية لكفاحنا من أجل تحرير انفسنا كرجال ونساء، لدينا ايادينا، لدينا التجربة في الكدح اليومي ولدينا الرغبة الجامحة في العمل، ولهذا فإننا واثقون تماما بأن عالما آخر ممكن أيضا.
لأجل تحقيق هذه الغايات الهامة اعتمدنا في نضالنا على تأييد ودعم آلاف العمال والعاملات من كل انحاء العالم، الذين خصوا كل جهدهم الكبير في مساعدتنا وتعاونهم معنا في استعادة هذه الأرض التي سرقت من السكان المحليين.
إننا نقوم بهذا العمل النضالي لأنه كان كفاحا ونهجا تاريخيا لأجيال كثيرة من العمال الميوامين (المزارعين)، وتقديرا لهؤلاء، وكدين على عاتقنا تجاه رفاق ضحوا بحياتهم في النضال، تجاه أولئك الذين وضعوا في الزنازن أو وضعوا في السجون لمجرد مطالبتهم بحقهم في الأرض كواجب أخلاقي وصونا للكرامة، إننا نقوم بهذا، ليس فقط لأجلهم وأجلنا بل أيضا نقوم به لأجل مستقبل أبنائنا وشعبنا
إن الأرض في فهمنا لا يمكن أن تكون سلعة في ملكية أحد، إنها كالماء والهواء لا ينتميان لأحد، وهي حق طبيعي للشعوب التي تسكنها وتعمل فيها، الأرض هي الحياة، والكائن البشري نفسه جزء ينتمي إليها كما جميع الكائنات الأخرى من اعشاب وحيوان وطير.

ميزانية لأجل تحقيق المهام الأولية لأعمال المخطط
هذه الميزانية هي مؤشر يمكن أن تتغير تقديراتها حسب الحالات وحسب الإشتغال ونماذج ومورد الآلات والأدوات الهامة، وسنعتمد طبعا الآلات والأدوات المستعملة
الآلات
  • جراردفع رباعي (120ح)......................... 24000 يورو
  • مقطورة تزن 12000كلغ.......................... 6500 يورو
أدوات الزراعة
  • مركبة أقراص الحرث،26قرص................... 3500 يورو
  • Kongskilde 5 m …...................... 1300 يورو
  • آلة للتبذير.............................................. 1100 يورو
أدوات الري
  • تجديد قنوات السقي المقطرة..................... 3400 يورو
  • آلة لضخ المياه بقوة 5ح.......................... 400 يورو
  • خزان مائي سعة 20 الف لتر................... 2100 يورو
  • عملية حفر حسب العمق بسعر 125يورو للمتر
أدوات يدوية
  • لحام كهربائي........................................ 250 يورو
  • قاطع ك............................................... 90 يورو
  • مفاتيح ميكانيكية............................... 275 يور
مجموع هه التكاليف 42915 يورو دون اعتبار تكلفة الحفر
(ترجم بتصرف )


* سومونتي: مزارع تابعة للملك العام بإقليم قرطبة كانت الحكومة الاندلسية تنوي تفويتها للقطاع البنكي، قبل ان تتم عملية التفويت قام عمال ومعطلي المناطق المجاورة المنضوين تحت لواء نقابة العمال المزارعين، باحتلالها مع دعم كبير من طرف هيآت المجتمع المدني داخل إسبانيا وأوربا (مختلف الجمعيات الاوربية (المنتدى الحضاري الأوربي، نقابة الفلاحين الصغار من فرنسا...) وتاييد عالمي خصوصا من الدول التي تعرف مثل هذه التجربة كدول أمريكا اللاتينية.
(1) نقابة العمال الزراعيين بالأندلس، تأسست في اوخر الستينات وبداية السبعينات كبديل للنقابات الكلاسيكية، من اهدافها انتزاع الملكيات الكبرى التي احتلها الملاكون الكبار وإنشاء تعاونيات بها، تحتل في الأندلس الكثير من المزارع الفلاحية كما أنها تهيمن سياسيا على بعض البلديات (ماريناليدا بإشبيلية على سبيل المثل وهي منطقة انتزعها العمال الزراعيين من أحد اقرباء الملك وبنوا فيها مدينتهم النموذجية)

ليست هناك تعليقات: