أحيانا اخجل أن أتناول موضوعات ماركس بالنقد على الرغم من قناعاتي الراسخة بوجود شيء ما في النظر الماركسي يمكن تجاوزه، وبالتحديد على مستوى مضمون الطبقة الثورية التي هي الطبقة العاملة، ففي سياق تاريخي متراكم بدا بالملموس أن هناك تحول في وظيفة العمل انتقل من الجهد العضلي إلى الجهد الآلي عبر التقنية والمكننة وصولا إلى الجهد الذهني بدخول التكنولوجية الرقمية، هذا لا يعني بطبيعة الحال أن الأجيال الاولى للعمل قد انفنت بقدر مايعني أنها في سيرورة تفاوتية نتج عنها إعادة توزيع العمل عالميا، وبالموازاة مع ذلك تطور فكر العمال تبعا لهذا التحول في العمل والتطور الصناعي بشكل بات من الضروري تحديد وضع الطبقة الثورية كطبقة يتحتم عليها فهم سيرورتها التفاوتية التطورية هذه في سياق يحدد وظيفتها الثورية. فالطبقة العاملة متفاوتة المهام من حيث أشكال عملها ومن حيث أيضا أوضاعها ومواقعها في إطار هذه العلاقة من التوزيع وإعادة التوزيع المستمرة، ما يدعوا إلى هذا التأمل هو هذا التيار الجارف الذي بات يهيمن على الثقافة اليومية في خضم هذه الحركات الإجتماعية الهائلة التي تسمى بحركات الشباب المطعون في كرامته (juvenes indegnados). في الثقافة اليومية (الإيديولوجية السائدة) تتحدد الفئة التي تمارس الجهد الذهني كطبقة تنتمي إلى البرجوازية المتوسطة أو الصغيرة، في التدبير السياسي الهائل في برامج الحكومات الرأسمالية وأمام تطور المعلوميات ووسائل الإنتاج، ولأكثر من أربع عقود من الزمن، كان الإلحاح في سياسة التعليم هو تبني تعليما يتماشى مع الوضع المتطور للتقنيات الجديدة، معنى هذا ببساطة: إيجاد يد عاملة تتوفر فيها شروط المعرفة العلمية ومواكبة التقنية الجديدة، في إطار فوضى سوق الإنتاج وتوزيع العمل وفقا لفوضى المنافسة الحرة والربح الفاحش،تم فرز وضع عالمي جديد نختصره ببساطة وبشكل مختزل جدا بالقول بأن الدول الأكثر صناعية في العالم توجد وحداتها الإنتاجية خارج دائرتها المركزية بشكل اوجد وضعا مختلفا في مركزيتها هو هيمنة قطاع الخدمات، واوجد مجالا أوسع في التفكير في المجالات الحيوية الأخرى: الطاقة النظيفة، إعادة الإعتبار للبيئة والصناعات الخفيفة والعالية التقنية والغير مكلفة وكذا تطوير الزراعة وتدبير التحكم في خيرات الشعوب بشكل يديم هيمنتها عليها، بإشاعة الحروب والنعرات وما إلى ذلك، بينما اختصت بلدان الهامش بالعمل العضلي من خلال توفير المواد الأولية وبالعمل الميكانيكي الآلي مع ظهور جيش جديد من الكوادر المعطلة المفروض فيها شروط العمل الذهني،فالوضع الطبقي، وهذا مايهمني من الموضوع، لايتحدد انطلاقا من مستويات التعليم بقدر ما يتحدد انطلاقا من علاقات الإنتاج وعلاقات التوزيع العملي، وهذا مايبين البنية المادية للتحديد عكس البنية الإيديولوجية التي، في إطار الصراع الطبقي، ومن خلال سيادة الوعي البرجوازي، تحاول أن تقرأ الوضع المتفجر في الصراع الإجتماعي، من حيث أن هذه الطبقة الذهنية لعبت فيه الدور الرئيسي للحراك، حاولت أن تظهره بمظهر الطبقة المتوسطة استنادا إلى مستواها التعليمي وليس إلى وضعها الإجتماعي في إطار علاقات توزيع العمل. إن هذه الفئات المتعلمة من المجتمع، كانت دوما السباقة لإثارة موضوع الثورة من خلال إلمامها بالتناقضات الإجتماعية، إن ماركس نفسه، الفقير إلى حد التشحح، ليس بقدر ماتميزه الإيديولوجيا السائدة كبرجوازي صغير، بل من المأساة أن يتشرف المرء بوضع البرجوازي الصغير بينما هو كان يعيش الفقر المدقع.
نتيجة لهذا أخجل من ان انتقد ماركس أنا الذي قرأ أهم موضوعاته، ماركس الموضوعي، المتخلق، ماركس المثقف المرح الذي حفظ رواية سيربانتيز عن ظهر قلب (راجع الإديولوجية الألمانية التي تمثل إنزالا كوميديا لرواية دون كيشوت) فما بالك بالذين لم يقرؤوه أصلا وينتقدونه. إن ثورة ماركس كانت تدين وضعه كفقير وليس كبرجوازي، وليس لوضع ألمانية المتخلفة في زمن ماركس، هذا إذا أردنا ان ننطلق في قراءتي لمقالتين متميزتين واحدة هي للدكتور هشام غصيب تحت عنوان: “ فلسفة ماركس"، وقراءة هي بمثابة رد أو نقد لها هي: الماركسية هي أسرع مراحل الرأسمالية - ردا على مقال د. هشام غصيب ” للزميل أمير الغندور. الذي لم يقرأ لا ماركس ولا ألتوسير وله في أمر ألتوسير عذرا كبيرا لأنه فعلا لا يتوفر من كتاباته سوى مقالات متوزعة في الشبكة العنكبوتية، لكن من البديهي قراءة مهدي عامل الذي يمثل بحق ألتوسير العرب وتتوفر اعماله الكاملة في المكتبات العربية وخصوصا كتابه الشيق "مقدمات نظرية"إذا أراد فعلا أن يعرف حقا هل الماركسية تهتم بالجانب الإقتصادي والسياسي وتنسى الجزئيات أم أن هناك سوء فهم، مع أن مقالاة د هشام، في قراءته النقدية الصارمة لم تغيب هذه الجزئيات، وهنا يحضر هاجس التلفيق من طرف الزميل أمير الغندور اكثر من هاجس القراءة المتمكنة والمتفهمة من حيث أن الزميل وعلى مدار مقالات له حول الماركسية يغلب غريزة الفهم على غريزة التغيير بشكل يطرح سؤالا عريضا: هل من المعقول نقد موضوع يبدوا من خلال قراءة تعبر بجلاء عن سوء فهم ؟ .
بحدس نيتشي وما أعز نيتشة عندي في جينيولوجيته الرائعة، والذي هو الآخر كما ماركس يصب جام غضبه على هيكل وآخرون ممن رسموا معالم ألمانيا "المتخلفة"، أقول هذا لسبب سأذكره فيما بعد له علاقة بثورة ماركس في فهم الزميل أمير الغندور، أقول، بحدس نيتشي أيضا كتب مهدي عامل مقدمته على الطريقة الخلدونية تماما، في الوضع الثقافي العربي كان هناك إشكال عميق يتجلى في تحديد المفاهيم التي بها الفكر يصوغ موضوعاته، لتجنب سوء الفهم عمد ابن خلدون إلى تحديد معجم مفاهيمه النظرية، وبالطريقة نفسها فعل مهدي عامل. الدكتور هشام غصيب يصوغ موضوعاته وفقا لافتراضه العام أن القاريء يملك فهما موضوعيا على الأقل فهما ماركسيا لمفاهيمه النظرية وله الحق في ذلك مادام يفهمه الماركسيون، يمتلك اسلوبا سلسا ومكثفا ولا يتناول القضايا بالمفاهيم المتجدد تحديدها وفقا لأسلوب الحداثة المبتذلة التي تعتمد تشويه المفاهيم، في قرائته النقدية الأخيرة "فلسفة ماركس" لموضوعات بيرتل أولمان، حاول جس نبض القضايا التي يطرحها اولمان بأسلوبه الحداثي المتميز، هناك إشكال حقيقي يطرحه اولمان في فلسفته الماركسية، يتجلى في تجنبه للمفاهيم الكلاسيكية، هناك أيضا وضع حساس نتيجة التأثر بمفاهيم علم الإجتماع الجديد، وتأثره أيضا بالمناحي الأكاديمية، لذلك يطرح التناقض الرأسمالي وفقا لفلسفة ماركس بالملاحظة العينة التي لا تحتاج إلى ميكروسكوب يحجمها ألاف المرات: هناك غنى فاحش وفقر مذقع، هذه الثنائية متناقضة بشكل كبير دون الحاجة إلى إثبات جينيولوجي بل هي ظاهرة للعيان، ويمكن اعتبارها أس الجينيولوجية تماما. تميل أطروحات البرجوازية عادة إلى نفي وجود الطبقات، وهذا أساسي في وضع الرفاه الأوربي المؤثر على فلسفة أولمان، وصرامة النقد عند الرفيق هشام هي إبراز هذا الوضع المبهم في صراع الغنى والفقر في فلسفة اولمان، هذا باختصار بالغ موضوع المقالة، يطرح مثلا الزميل الغندور بأن تناقض العناصر الأساسية غير كافي بسبب من مكر التاريخ الذي هو خداع الجزئيات علما ان مقالة د هشام مغرقة في الجزئيات، وهذا ينم صراحة عن سوء فهم للمقال، أي أن مكر التاريخ، بسبب من غياب قراءة الجزئيات هو حاضر بقوة وهذا أساسا لا تنفيه الماركسية ولا هي ينفيها مقال د. هشام بل فقط ينفيها في نقده المغرض، بسبب من قوة فهم وتفهم متحكمة في منطق الأستاذ أمير الغندور، هي اللافهم نفسه واللاتفهم على الرغم من إبرازه لاهمية الفهم، وبصراحة عميقة فإن امير الغندور المجبل بغريزة الفهم هو لا يفهم موضاعات ما يعتبره نقدا لفكر مخالف هو الفكر الماركسي. فاستنادا إلى وضعية الغنى الفاحش والفقر المذقع، الثنائية التناقضية، استنادا إليها ذهب ماركس لدراسة الإقتصاد في عملية استكشاف لسر هذه الثنائية، وطبيعي جدا أن يدرس بنية الإقتصاد السياسي بمنطق جدل فلسفي يسائل كل العناصر التي تدخل في صميم بنيته، فالإقتصاد هذا في نمطيته هو اقتصاد رأسمالي، لذلك طبيعي أن لا تأتي الماركسية بشيء خارج الإقتصاد الرأسمالي أو التاريخ الرأسمالي، وهنا مربط الجمل عند الزميل أمير الغندور، لأنه لا يفهم لماذا وجب ان يخرج الجديد من بنية تناقضاته، فالتاريخ حاضره بنية النمط الرأسمالي، والإشتراكية يكمن وجودها في هذه البنية وهذا ما أشار إليه د. هشام غصيب، وليست جديدا يأتي من خارج التاريخ: "ماركس لم يأتي بجديد من عنده، "المراكسية تنويعة"، "تدبير...إلى أخره”، بشكل يجعلنا نتساءل هل الرأسمالية تأتي بجديد من عندها؟، وطبيعي أن يكون الجواب حسب الزميل أمير الغندور نفسه، بان الراسمالية تصحح أو بالتعبير المبجل لزميلنا تجدد نفسها عبر "تنويعة" أو "تدبير" اشتراكي.
لا يخجل الزميل أمير الغندور حين يعتبر الثورات الإشتراكية، مجرد "تنويعة" أو "تدبير" للحاق بالتقدم، حين يشرعنه لغيرنا كفرنسا والمانيا وروسيا والصين مثلا في تخريجاته الأنموذجية وينكره علينا في انموذج التلميذ الكسول، لكن انموذج التلميذ الكسول الذي يفرضه امير الغندور، ينم عن جهل عميق بأبسط قواعد تقدم المجتمعات الغربية أقصد جهله لمقومات الغنى عندهم والتي اعتمدت وتعتمد استفادتها من استغلال الشعوب وسرقة ثرواتهم وهذا يدفعنا إلى موضوع آخر في علم التاريخ. يتبع
نتيجة لهذا أخجل من ان انتقد ماركس أنا الذي قرأ أهم موضوعاته، ماركس الموضوعي، المتخلق، ماركس المثقف المرح الذي حفظ رواية سيربانتيز عن ظهر قلب (راجع الإديولوجية الألمانية التي تمثل إنزالا كوميديا لرواية دون كيشوت) فما بالك بالذين لم يقرؤوه أصلا وينتقدونه. إن ثورة ماركس كانت تدين وضعه كفقير وليس كبرجوازي، وليس لوضع ألمانية المتخلفة في زمن ماركس، هذا إذا أردنا ان ننطلق في قراءتي لمقالتين متميزتين واحدة هي للدكتور هشام غصيب تحت عنوان: “ فلسفة ماركس"، وقراءة هي بمثابة رد أو نقد لها هي: الماركسية هي أسرع مراحل الرأسمالية - ردا على مقال د. هشام غصيب ” للزميل أمير الغندور. الذي لم يقرأ لا ماركس ولا ألتوسير وله في أمر ألتوسير عذرا كبيرا لأنه فعلا لا يتوفر من كتاباته سوى مقالات متوزعة في الشبكة العنكبوتية، لكن من البديهي قراءة مهدي عامل الذي يمثل بحق ألتوسير العرب وتتوفر اعماله الكاملة في المكتبات العربية وخصوصا كتابه الشيق "مقدمات نظرية"إذا أراد فعلا أن يعرف حقا هل الماركسية تهتم بالجانب الإقتصادي والسياسي وتنسى الجزئيات أم أن هناك سوء فهم، مع أن مقالاة د هشام، في قراءته النقدية الصارمة لم تغيب هذه الجزئيات، وهنا يحضر هاجس التلفيق من طرف الزميل أمير الغندور اكثر من هاجس القراءة المتمكنة والمتفهمة من حيث أن الزميل وعلى مدار مقالات له حول الماركسية يغلب غريزة الفهم على غريزة التغيير بشكل يطرح سؤالا عريضا: هل من المعقول نقد موضوع يبدوا من خلال قراءة تعبر بجلاء عن سوء فهم ؟ .
بحدس نيتشي وما أعز نيتشة عندي في جينيولوجيته الرائعة، والذي هو الآخر كما ماركس يصب جام غضبه على هيكل وآخرون ممن رسموا معالم ألمانيا "المتخلفة"، أقول هذا لسبب سأذكره فيما بعد له علاقة بثورة ماركس في فهم الزميل أمير الغندور، أقول، بحدس نيتشي أيضا كتب مهدي عامل مقدمته على الطريقة الخلدونية تماما، في الوضع الثقافي العربي كان هناك إشكال عميق يتجلى في تحديد المفاهيم التي بها الفكر يصوغ موضوعاته، لتجنب سوء الفهم عمد ابن خلدون إلى تحديد معجم مفاهيمه النظرية، وبالطريقة نفسها فعل مهدي عامل. الدكتور هشام غصيب يصوغ موضوعاته وفقا لافتراضه العام أن القاريء يملك فهما موضوعيا على الأقل فهما ماركسيا لمفاهيمه النظرية وله الحق في ذلك مادام يفهمه الماركسيون، يمتلك اسلوبا سلسا ومكثفا ولا يتناول القضايا بالمفاهيم المتجدد تحديدها وفقا لأسلوب الحداثة المبتذلة التي تعتمد تشويه المفاهيم، في قرائته النقدية الأخيرة "فلسفة ماركس" لموضوعات بيرتل أولمان، حاول جس نبض القضايا التي يطرحها اولمان بأسلوبه الحداثي المتميز، هناك إشكال حقيقي يطرحه اولمان في فلسفته الماركسية، يتجلى في تجنبه للمفاهيم الكلاسيكية، هناك أيضا وضع حساس نتيجة التأثر بمفاهيم علم الإجتماع الجديد، وتأثره أيضا بالمناحي الأكاديمية، لذلك يطرح التناقض الرأسمالي وفقا لفلسفة ماركس بالملاحظة العينة التي لا تحتاج إلى ميكروسكوب يحجمها ألاف المرات: هناك غنى فاحش وفقر مذقع، هذه الثنائية متناقضة بشكل كبير دون الحاجة إلى إثبات جينيولوجي بل هي ظاهرة للعيان، ويمكن اعتبارها أس الجينيولوجية تماما. تميل أطروحات البرجوازية عادة إلى نفي وجود الطبقات، وهذا أساسي في وضع الرفاه الأوربي المؤثر على فلسفة أولمان، وصرامة النقد عند الرفيق هشام هي إبراز هذا الوضع المبهم في صراع الغنى والفقر في فلسفة اولمان، هذا باختصار بالغ موضوع المقالة، يطرح مثلا الزميل الغندور بأن تناقض العناصر الأساسية غير كافي بسبب من مكر التاريخ الذي هو خداع الجزئيات علما ان مقالة د هشام مغرقة في الجزئيات، وهذا ينم صراحة عن سوء فهم للمقال، أي أن مكر التاريخ، بسبب من غياب قراءة الجزئيات هو حاضر بقوة وهذا أساسا لا تنفيه الماركسية ولا هي ينفيها مقال د. هشام بل فقط ينفيها في نقده المغرض، بسبب من قوة فهم وتفهم متحكمة في منطق الأستاذ أمير الغندور، هي اللافهم نفسه واللاتفهم على الرغم من إبرازه لاهمية الفهم، وبصراحة عميقة فإن امير الغندور المجبل بغريزة الفهم هو لا يفهم موضاعات ما يعتبره نقدا لفكر مخالف هو الفكر الماركسي. فاستنادا إلى وضعية الغنى الفاحش والفقر المذقع، الثنائية التناقضية، استنادا إليها ذهب ماركس لدراسة الإقتصاد في عملية استكشاف لسر هذه الثنائية، وطبيعي جدا أن يدرس بنية الإقتصاد السياسي بمنطق جدل فلسفي يسائل كل العناصر التي تدخل في صميم بنيته، فالإقتصاد هذا في نمطيته هو اقتصاد رأسمالي، لذلك طبيعي أن لا تأتي الماركسية بشيء خارج الإقتصاد الرأسمالي أو التاريخ الرأسمالي، وهنا مربط الجمل عند الزميل أمير الغندور، لأنه لا يفهم لماذا وجب ان يخرج الجديد من بنية تناقضاته، فالتاريخ حاضره بنية النمط الرأسمالي، والإشتراكية يكمن وجودها في هذه البنية وهذا ما أشار إليه د. هشام غصيب، وليست جديدا يأتي من خارج التاريخ: "ماركس لم يأتي بجديد من عنده، "المراكسية تنويعة"، "تدبير...إلى أخره”، بشكل يجعلنا نتساءل هل الرأسمالية تأتي بجديد من عندها؟، وطبيعي أن يكون الجواب حسب الزميل أمير الغندور نفسه، بان الراسمالية تصحح أو بالتعبير المبجل لزميلنا تجدد نفسها عبر "تنويعة" أو "تدبير" اشتراكي.
لا يخجل الزميل أمير الغندور حين يعتبر الثورات الإشتراكية، مجرد "تنويعة" أو "تدبير" للحاق بالتقدم، حين يشرعنه لغيرنا كفرنسا والمانيا وروسيا والصين مثلا في تخريجاته الأنموذجية وينكره علينا في انموذج التلميذ الكسول، لكن انموذج التلميذ الكسول الذي يفرضه امير الغندور، ينم عن جهل عميق بأبسط قواعد تقدم المجتمعات الغربية أقصد جهله لمقومات الغنى عندهم والتي اعتمدت وتعتمد استفادتها من استغلال الشعوب وسرقة ثرواتهم وهذا يدفعنا إلى موضوع آخر في علم التاريخ. يتبع
حول موضوع الإغتراب إن الوضع الساحر للدول الرأسمالية مثير حقا ومحير أيضا، حين نقارنها بوضع ديونها الخيالية وهذا فعلا أثار حيرة بعض "ماركسيينا" الأقحاح بشكل انتفض السحر مهرولا على قدميه كمارد ضال: "ماتت الرأسمالية وتوقف قطار الإشتراكية”: كيف يحق لنا أن نسمي الدول الغنية بالرأسمالية وديونها أكثر من إنتاجها القومي؟ أليس هذا ماسماه ماركس بالإغتراب؟ لكن "ماركسيينا" الأقحاح هؤلاء ومعهم بعض المستمتعين بزفرة الإنتصار الوهمي من اللبراليين لم يطرحوا سؤالا عريضا مثل: لمن هي مدينة كل دول العالم وليس فقط الرأسمالية؟؟ ولربما ستعطي فوضى الديون عالما مقلوبا في اغتراب آخر تصبح فيه الدولة هي المقصودة بالرأسمالية من حيث أن الديون ديونها أو ديون ملقات على عاتق أفرادها، بعملية سحر وهمية يتشخصن الرأسمال في الدولة ويتماثل تماما بوضع الدول ذات رأسمال الدولة كالإتحاد السوفياتي مثلا، ويترفع الرأسمال عن الأفراد الرأسماليين أنفسهم أي هؤلاء المالكين الحقيقيين للثروة والمتحكمين في فائض الإنتاج العالمي. الولايات المتحدة مدينة بشكل ما يرفعها كما لوكانت مستقلة عن مواطنيها أصحاب الثروات الضخمة، في علم الإحصاء العجيب، وهنا ساستعمل السخرية النيتشية المفجعة، عادة يتوزع حجم ديون الدولة على عدد مواطنيها ليبدو عبء الحمولة مثقلا بشكل خارق على الأفراد (ضع راسك وسط الرؤوس ونادي قاطع الرؤوس)، الأفراد هكذا بتعميم مجحف ينفي علاقة الفوارق الإجتماعية، لكن لا أحد يتكلم عن ثروة أغنيائها الذين ملكياتهم ليست بالضرورة ملكية الدولة الرأسمالية في وضع يظهر ديون الدولة كما لو أنها ديون الشعب بينما غنى اغنيائها في وضع مريح ومقدس، ملكية خاصة، ولعل سحر شخصنة الدولة في الرأسمال لا يعكس الحقيقة الأخرى المدعمة أيضا بالإحصائيات الرقمية والتي لا تبدوا مثارة في الجدال المنبهر لديون الدول: 20 في المائة من سكان العالم يتحكمون في 80 في المائة من ثروة العالم. هنا بالتحديد لا تظهر الحدود الجغرافية للدولة بل تنتفي في التعميم، في أغنياء العالم وفقراء العالم، وكم هو جميل مثل هذا التعميم لأنه يعكس بالتحديد حدسا آخر هو لا وجود للحدود الجمركية إلا كشكل للتمييز بين عالم الرفاه وعالم الرعاع. يحدد أحد الماركسيين الإشكالية ببساطة رائعة في لبسها: نحن نعيش خارج التاريخ، وطبعا حين يتخلبط وضع الرأسمالية بشكل ساحر كما رأينا، بشكل تبدوا هكذا: ثمة وضع متناقض بشكل خارق في الرأسمالية: غنى فاحش ووضع فقر مدقع، أقلية بلغت من الغنى حدا يفوق الخيال، وأغلبية فقيرة بلغوا من الفقر حدا لا يمكن تصوره، أليس تناقضا أن تكون الحركة في الغنى في اتجاه تصاعدي بينما في الفقر في اتجاه نزولي؟ ويبدوا بعض الكتاب من اللبراليين العرب المتبجحين بالخرافة الفكرية التي يقدمونها حول الجينيولوجية بشكل هائل بثرثرة فكرية وهما آخر حول الإغتراب: هل يقدم فلاسفة الرأسمالية توضيحا علميا حول الإغتراب؟ إنه الإستمناء السوريالي في أحسن الفترات تجريدا، إنها خرافة الفرد البطل، إنه الله في تراجيديا الربيع العربي، إن الإغتراب ليس سوى حالة موصوفة وليس نمطا عليه أن يتقدم الفكر أو ان يتحجم. ومن هنا لا مجال لطرح إشكالية ليست بالمرة إشكالية، إن الزميل الغندور يطرح إشكالية ليست سوى ذر الرماد في العيون، على مقياس فهمه لمقولة ماركس الشهيرة:" لم يفعل الفلاسفة حتى اليوم سوى تفسير العالم بطرق مختلفة، لكن الأمر الهام هو تحويله" والتي استخلص منها أن "ماركس يقدم التغيير على الفهم"، في المعادلة الجديدة : ماركس أو الماركسية "تقلص الإغتراب" و "تضخم الإنتاج" استنادا سحريا هذه المرة إلى التوسير، إنها حقا تعبر عن اغتراب آخر، إن نمط الإنتاج وبالتحديد الرأسمالي، هو من يخلق حالة من الإغتراب، ثانيا إن مفهوم الإغتراب ليس نمطا به يتحدد واقع معين، بل كما أشرت كونه وصف لحالة تشنج لوضع خاص لدى الإنسان يتحدد أساسا من خلال علاقات الإنتاج كاستلاب الإنسان من طرف أنساق الإنتاج سواء كان هذا الإنتاج ماديا أو فكريا، في الفكر الماركسي، بنقضه لعلاقات الإنتاج الرأسمالية، تنكشف آليات هذا الإستلاب بالتحديد، وهذا بالتحديد أيضا موضوع الطرح الألتوسيري، فالعلاقة بين ماركس الشاب وماركس الكهل هي هذه العلاقة من النضج الفلسفي في عملية إزاحة الإنسان من مركز العالم من حيث أنساق الإنتاج هي من يحدد مساره وتاريخه، معنى هذا ان علاقة الإستلاب حاضرة في كل كتابات ماركس سواء في مخطوطات 1843 وصولا إلى نقد الإقتصاد السياسي، وليس هناك مايدعوا إلى القلق كونه قلص الإغتراب لصالح الإنتاج، بشكل أستطيع القول بأمانة علمية بأن استحضار أو تنزيل شخصيات الرواية الكوميدية دون كيشوت كألقاب لمؤدلجي الإيديولوجيا الألمانية، هي إحالة ضمنية لعملية التعليب، وهي تاليا في رحلة ماركس الإستكشافية لميكانيزم نمط الإنتاج الرأسمالي في كتابه “رأس المال”، هو أيضا فضح لأنساق التعليب التي طالت كتابات ريكاردو وآدم سميت وغيرهم، وتبقى فقط الإشكالية المطروحة وهي من باب الإستفزاز الفكري، هي: كيف يطرح كتاب الرأسمالية تحجيم الإغتراب في إنتاجاتهم الفكرية، فمقال الزميل الغندور لا يوضح رؤية لما ينتقده في كون الماركسية تقلص الإغتراب، وذلك بوضع قاعدة معرفية توضح تحجمه في الكتابات الرأسمالية وهو وضع بطبيعة الحال لن أحسده عليه، ببساطة لأن الإغتراب هو عملية توهيم إيديولوجية تمارسها الرأسمالية عن وعي، وفي إطار الصراع السياسي الإيديولوجي، تمارسه الماركسية عكسيا بفضح آلياته، وهذا، في وجه منه مادفعني إلى الحديث عن "متمركسيناالأقحاح" الذين أبهرتهم ديون السويد والولايات المتحدة ليرتفع العالم خارج التاريخ. إن توضيح ماهية الإغتراب هي بالضرورة ما سيقود البحث لاكستشاف ما إذا كان محجما أو مقلصا في الكتابات الماركسية وليس وضعه بشكل مبهم لتنبني عليه تلل من التهم المجانية ويتحول في المطاف الأخير إلى مفهوم مغترب داخل الإغتراب نفسه. إن توضيح ماهية الإغتراب كحالة استلاب الإنسان من طرف أنساق الإنتاج سيدفعنا على عكس ما اورده الزميل أمير الغندور في معادلته الدونكيشوتية:” "استبعاد الإغتراب من التحليل الماركسي بهدف التركيز على الدور الهام والأساسي الذي يلعبه الإنتاج في المجتمع" قلت سيدفعنا إلى عكس التلفيق هذا وتصبح تاليا هكذا: إن خلاص الإنسان من أسباب استلابه يكمن بالضرورة في فضح أنساق علاقات الإنتاج سواء كانت مادية أو فكرية، بشكل ومن خلال عملية “تدبير” في علاقات انساق الإنتاج لتصبح في خدمة الإنسان بدل استلابه.
لا شك ان مفهوم الإغتراب عند هيجل يختلف عنه عند ماركس بشكل يعيدنا تماما إلى نقطة أثارها ماركس حول اختلاف الجدل عندهما بين أن يكون مثاليا عند هيجل وماديا عند ماركس، فهيجل يطرح مفهوم الإغتراب في إطار علاقة من التنافي الإجابي تستعيد فيه الذات ذاتها من خلال ذاتها في العقل المطلق حيث وعي الذات لموضوعاتها هو اشكال تمظهرها في موضوعاتها أي هذا الشكل من اغتراب الذات تمثلا بموضوعات وعيها، تستعيد الذات ذاتها من خلال وعيها لذاتها في المطلق، في الدين هي الله، في المجتمع هي الدولة، في الفكر هي الفلسفة وفي العمل هي العمل الذهني فقط، بينما ماركس يطرح مسألة الإغتراب بشكل مختلف تماما يبقى فيها الإستلاب استلابا لا تستعيد فيه الذات ذاتها كما عند هيجل إلا إذا اكتسب الإنسان أسباب وجوده دون النشاط العملي، ذلك أن الخطوة الأولى في الإستلاب تتحقق بدئيا حين يتوجه الإنسان لنكران ذاته في النشاط العملي وهذا ما توضحه بجلاء مخطوطات ماركس لسنة 1843. في هذه المخطوطات يتناول ماركس موضوع الإستلاب بشكل مركز إن لم نقل بان موضوع المخطوطات الثلاث تشكل في مجملها تحليلا مفيضا حول الإغتراب، لكن اهمية هذه المخطوطات أنها تشكل الأرضية التمهيدية لانطلاقة ماركس في تفكيك ميكانيزم الإقتصاد السياسي لأن هذه المخطوطات عمليا تطرح بدئيا عملية الإغتراب من بداياتها الأولى في علاقة الإنسان بالطبيعة باعتيارها العالم الخارجي المحسوس الذي يتحقق فيها عمل الإنسان وبقاؤه الجسدي حيث ينتج منها وبواسطتها، فهو لا يستطيع الإبقاء على نفسه كذات جسدية إلا باعتباره عاملا ولا هو عاملإإلا باعتباره جسدا، في هذا المجال يصبح العامل عبدا لموضوع إنتاجه الذي يتحقق فيه بقاؤه، تتحقق عملية الإستلاب كون النشاط العملي خارج عن ذات العامل ولا ينتمي إلى وجوده، إنما يجد نفسه مجبرا لا اختياريا في أن ينتج أسباب بقائه. هذا الوضع الإجباري للعمل في العلاقة البسيطة بين الإنسان والطبيعة ستزداد تعقيدا كلما تعقدت أنماط الإنتاج وتحول النشاط العملي من كونه يلبي حاجات الإنسان العامل نفسه إلى كونه نشاط عملي يلبي حاجات الآخر.
لا شك ان مفهوم الإغتراب عند هيجل يختلف عنه عند ماركس بشكل يعيدنا تماما إلى نقطة أثارها ماركس حول اختلاف الجدل عندهما بين أن يكون مثاليا عند هيجل وماديا عند ماركس، فهيجل يطرح مفهوم الإغتراب في إطار علاقة من التنافي الإجابي تستعيد فيه الذات ذاتها من خلال ذاتها في العقل المطلق حيث وعي الذات لموضوعاتها هو اشكال تمظهرها في موضوعاتها أي هذا الشكل من اغتراب الذات تمثلا بموضوعات وعيها، تستعيد الذات ذاتها من خلال وعيها لذاتها في المطلق، في الدين هي الله، في المجتمع هي الدولة، في الفكر هي الفلسفة وفي العمل هي العمل الذهني فقط، بينما ماركس يطرح مسألة الإغتراب بشكل مختلف تماما يبقى فيها الإستلاب استلابا لا تستعيد فيه الذات ذاتها كما عند هيجل إلا إذا اكتسب الإنسان أسباب وجوده دون النشاط العملي، ذلك أن الخطوة الأولى في الإستلاب تتحقق بدئيا حين يتوجه الإنسان لنكران ذاته في النشاط العملي وهذا ما توضحه بجلاء مخطوطات ماركس لسنة 1843. في هذه المخطوطات يتناول ماركس موضوع الإستلاب بشكل مركز إن لم نقل بان موضوع المخطوطات الثلاث تشكل في مجملها تحليلا مفيضا حول الإغتراب، لكن اهمية هذه المخطوطات أنها تشكل الأرضية التمهيدية لانطلاقة ماركس في تفكيك ميكانيزم الإقتصاد السياسي لأن هذه المخطوطات عمليا تطرح بدئيا عملية الإغتراب من بداياتها الأولى في علاقة الإنسان بالطبيعة باعتيارها العالم الخارجي المحسوس الذي يتحقق فيها عمل الإنسان وبقاؤه الجسدي حيث ينتج منها وبواسطتها، فهو لا يستطيع الإبقاء على نفسه كذات جسدية إلا باعتباره عاملا ولا هو عاملإإلا باعتباره جسدا، في هذا المجال يصبح العامل عبدا لموضوع إنتاجه الذي يتحقق فيه بقاؤه، تتحقق عملية الإستلاب كون النشاط العملي خارج عن ذات العامل ولا ينتمي إلى وجوده، إنما يجد نفسه مجبرا لا اختياريا في أن ينتج أسباب بقائه. هذا الوضع الإجباري للعمل في العلاقة البسيطة بين الإنسان والطبيعة ستزداد تعقيدا كلما تعقدت أنماط الإنتاج وتحول النشاط العملي من كونه يلبي حاجات الإنسان العامل نفسه إلى كونه نشاط عملي يلبي حاجات الآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق