مغني مات ..مغني لم يمت
لمغني محمد بإقليم خنيفرة حضور يتجاوز الأسطورة، لاأحد منا يستطيع أن يتنكر لهذا العندليب الأمازيغي وقعه اللافت للنظر في الغناء بالأطلس المتوسط،،الكل كان يتقلده والكل كان يحاول تقمصه، شخصيا كنت من الذين أعجبوا به، بل أستطيع القول أنه يرجع له الفضل في تعلمي الأمازيغية عندما افتقدتها وأنا أيفع من لغة جبل عوام المناضل، لغة سماها ابن خلدون لغة الحضارة، وسميناها نحن لغة الطبقة العاملة التي انصهرت فيها جميع العاميات المغربية من حيث تعدد مكوناتها،كان أول حضور لمغني في ذاكرتي يوم غنى للطبقة العاملة في أحد ألأعياد الميلادية للمنجم ليتحول العيد هذا بعد ذلك إلى قداس لسلطان الجن المتحكم في مغاور المنجم بعد أحداث مميتة لبعض العمال ضحايا "البارود" حيث تحول العيد إلى مأتم تذبح فيه الأبقار بفتوى أصدرها رفاق العدل والإحسان استجابة للسلطان الاسود الذي يقطن أسوار إغرم اوسار، بعد ذلك بسنين كثيرة، وأنا في سن الشباب، مفعم بالمغامرة وركوب التحدي، وبمعية أحد مهندسي المنجم ورفاق السيديتي أيام أزمنتها الحافلة، وفي تحد للسلطان الأكحل قررنا ان نحتفل بالمجون داخل إحدى المغارات، رفقة الرفيق بوكتاف،العاشق لمغني ، حيث أشعلنا الشموع واطلقنا العنان لحنجرة مغني المترنمة عبر آلة تسجيل، لتذوي في أعماق الجبل وروحانية الخمرة التي ذابت معها سلطة الجن، منذ ذاك اتخذنا من مغني سيدا للأغنية بالأطلس المتوسط. ـ
لمغني محمد ميزة خاصة قليلا ما تتواجد في المغنيين الآخرين وهي تلقائيته في الغناء وتلاعبه بالألفاظ أثناء الغناء إضافة إلى استبداله للكلمات بشكل عبثي واقتحامه للمقدس بشكل مستفز:"ياك أربي ثيذماوين أي تكاد"أهكذا أنت ياإلهي ذو الفرزيات ." ش أذكان ش أذتهوال" البعض ينام والبعض يتهول، ليس هذا فقط ما يجلبك إلى مغني، في حوار لي معه منشور بإحدى الجرائد الأمازيغية، قال لي مغني بالحرف أن لاأحد من الفنانين المعروفين بالأطلس أبدع أغنية أمازيغية معترفا انه من الصعب عليه أن يتبنى اغنية لم ينتجها، قال بالحرف:"كل ما عملناه هو أنه حولنا أغاني أحيدوس من الفضاء الخارجي إلى البيت " أي أن كل ما كان يغنى في أحيدوس، حولناه إلى الغناء في فضاء البيت" أي أنه، وبلغة الأنتروبولوجية: تحويل الغناء من فضاء الرحال إلى فضاء الإستقرار.ـ
في الآونة الأخيرة تلقيت مكالمة من أحد الاصدقاء يسألني ما إذا كنت سمعت بوفاة مغني، فأجبته باني لاأعلم شيئا،وأنه لو وقع له شيء لكانت زوجتي كعادتها قدأسرعت بإخباري كونها تعرف مكانته عندي، لكن صديقي هذا ألح على الخبر وبحزن شديد، كما لوأنه خبر صحيح، إذ لا أحد يمكنه أن يسرب مثل هذا الخبر دون أن تكون هناك مؤشرات،لكن عناد صديقي هذا لم يكن بهذا السوء ، بل كان يتوخى منه مني نفي الخبر، مما أجبرني على القول بأن مغني لم يمت حتى لو سلمنا بوفاته فهو الذي رسخ بغنائه في ذاكرتنا، كل الشعر الشفهي الذي يشكل لاوعينا الجماعي الامازيغي ودون بغنائه هذا الجزء المهم من التراث ورسخ فينا شهادته بأنه الشعر منقولا من أحيدوس وانه ملك للذاكرة وليس ملك للذين تملكوه وأن مغني لا زال مستعصيا على الموت.ـ
من الصعب جدا ان نهضم مثل هذا القول حتى لو سلمنا بأن مغني كباقي البشر، حيث الموت حق عليهم، لكن في الحقيقة نرفض مثل هذا الإستسلام، من منطلق ترسخ وخلود صوت مغني في ذاكرتنا، كيف لا وهو لم يستسلم بعد لقدر الموت .. نتمنى لمغني شفاءا عاجلا
لمغني محمد بإقليم خنيفرة حضور يتجاوز الأسطورة، لاأحد منا يستطيع أن يتنكر لهذا العندليب الأمازيغي وقعه اللافت للنظر في الغناء بالأطلس المتوسط،،الكل كان يتقلده والكل كان يحاول تقمصه، شخصيا كنت من الذين أعجبوا به، بل أستطيع القول أنه يرجع له الفضل في تعلمي الأمازيغية عندما افتقدتها وأنا أيفع من لغة جبل عوام المناضل، لغة سماها ابن خلدون لغة الحضارة، وسميناها نحن لغة الطبقة العاملة التي انصهرت فيها جميع العاميات المغربية من حيث تعدد مكوناتها،كان أول حضور لمغني في ذاكرتي يوم غنى للطبقة العاملة في أحد ألأعياد الميلادية للمنجم ليتحول العيد هذا بعد ذلك إلى قداس لسلطان الجن المتحكم في مغاور المنجم بعد أحداث مميتة لبعض العمال ضحايا "البارود" حيث تحول العيد إلى مأتم تذبح فيه الأبقار بفتوى أصدرها رفاق العدل والإحسان استجابة للسلطان الاسود الذي يقطن أسوار إغرم اوسار، بعد ذلك بسنين كثيرة، وأنا في سن الشباب، مفعم بالمغامرة وركوب التحدي، وبمعية أحد مهندسي المنجم ورفاق السيديتي أيام أزمنتها الحافلة، وفي تحد للسلطان الأكحل قررنا ان نحتفل بالمجون داخل إحدى المغارات، رفقة الرفيق بوكتاف،العاشق لمغني ، حيث أشعلنا الشموع واطلقنا العنان لحنجرة مغني المترنمة عبر آلة تسجيل، لتذوي في أعماق الجبل وروحانية الخمرة التي ذابت معها سلطة الجن، منذ ذاك اتخذنا من مغني سيدا للأغنية بالأطلس المتوسط. ـ
لمغني محمد ميزة خاصة قليلا ما تتواجد في المغنيين الآخرين وهي تلقائيته في الغناء وتلاعبه بالألفاظ أثناء الغناء إضافة إلى استبداله للكلمات بشكل عبثي واقتحامه للمقدس بشكل مستفز:"ياك أربي ثيذماوين أي تكاد"أهكذا أنت ياإلهي ذو الفرزيات ." ش أذكان ش أذتهوال" البعض ينام والبعض يتهول، ليس هذا فقط ما يجلبك إلى مغني، في حوار لي معه منشور بإحدى الجرائد الأمازيغية، قال لي مغني بالحرف أن لاأحد من الفنانين المعروفين بالأطلس أبدع أغنية أمازيغية معترفا انه من الصعب عليه أن يتبنى اغنية لم ينتجها، قال بالحرف:"كل ما عملناه هو أنه حولنا أغاني أحيدوس من الفضاء الخارجي إلى البيت " أي أن كل ما كان يغنى في أحيدوس، حولناه إلى الغناء في فضاء البيت" أي أنه، وبلغة الأنتروبولوجية: تحويل الغناء من فضاء الرحال إلى فضاء الإستقرار.ـ
في الآونة الأخيرة تلقيت مكالمة من أحد الاصدقاء يسألني ما إذا كنت سمعت بوفاة مغني، فأجبته باني لاأعلم شيئا،وأنه لو وقع له شيء لكانت زوجتي كعادتها قدأسرعت بإخباري كونها تعرف مكانته عندي، لكن صديقي هذا ألح على الخبر وبحزن شديد، كما لوأنه خبر صحيح، إذ لا أحد يمكنه أن يسرب مثل هذا الخبر دون أن تكون هناك مؤشرات،لكن عناد صديقي هذا لم يكن بهذا السوء ، بل كان يتوخى منه مني نفي الخبر، مما أجبرني على القول بأن مغني لم يمت حتى لو سلمنا بوفاته فهو الذي رسخ بغنائه في ذاكرتنا، كل الشعر الشفهي الذي يشكل لاوعينا الجماعي الامازيغي ودون بغنائه هذا الجزء المهم من التراث ورسخ فينا شهادته بأنه الشعر منقولا من أحيدوس وانه ملك للذاكرة وليس ملك للذين تملكوه وأن مغني لا زال مستعصيا على الموت.ـ
من الصعب جدا ان نهضم مثل هذا القول حتى لو سلمنا بأن مغني كباقي البشر، حيث الموت حق عليهم، لكن في الحقيقة نرفض مثل هذا الإستسلام، من منطلق ترسخ وخلود صوت مغني في ذاكرتنا، كيف لا وهو لم يستسلم بعد لقدر الموت .. نتمنى لمغني شفاءا عاجلا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق