كان العم زمزومي، القائد الأسطوري وابن بواب الحاكم الفرنسي سابقا، يشرب جعته في عصر رمضاني، مختليا بنفسه في قاعة كبيرة من فيلته الفخمة، كان الصغار، سواء كانوا صغارا في الحجم أطفالا أو صغار القوم بشكل عام ومعهم زوجته الحاجة ماهمة (بتشديد وفتح الميم الثانية) التي وضعت له تريكة من البنون والبنات بلغت بهم الأسرة مبلغا كبيرا، أكثر من ثلاثين فردا ورغم ذلك لم تدخل كتاب جينيس للأعمال الخارقة، برغم أنها فاقت في الخصوبة ما لدى الأرانب، كانت الحاجة ماهمة هي الوحيدة التي يسمح لها بالدخول إلى قاعته الحصينة متى احتاج إلى طلب أو متى حل بالبيت ضيف خاص من مقامه او بعض ضيوف الأحوال الخاصة لقيادته كنزاع قبلي حول عقار معين أو تحويل طريق خاصة أو تبريكيكة خاصة، كانت قاعته في منزله نسخ كامل للقاعة التي يدير منها أمور السياسة في المنطقة، مكتب عتيق من خشب الأرز الأطلسي،خلفه في الحائط صورة لقائد البلاد وعلى جانب من مكتبه إبريقين خاصين للشاي، شايه الذي يشرب منه وهو شاي خاص بدون سكر وآخر للمقبلين عليه في قضايا دائرته وفي الجانب الآخر أقلام وملفات وأوراق خاصة.
كانت ماهمة تضع له الجعة في إبريق شايه الخاص رغم أنها توكله لله هي الحاجة التي عليها أن لا تقترب من أوخاز الشيطان، كانت في كل مرة تملأ له الإبريق تتمتم بان يتزوج امراة أخرى لكي يعفيها هي من وخز الشيطان، وكان في كل مرة يجبرها على ملإ الإبريق يقابلها بأنه لا إثم عليها ما دام هو من يأمرها بذلك، وفي ذلك اليوم الرمضاني بدا منها نوع من التطير:
ــ يا إلهي حتى في هذا الشهر الكريم لا تخشى ربك، ليكن لكن ماذنبي أنا؟ تعلم أن رمضان يخرج في الناس (تقصد أن رمضان يصيب بلعنة على آكليه)
ــ أه. ! رمضان ..! وكيف ذلك؟ تعرفين أنه طقس وثني.. أجابها وهو يتمايل ويبدي لها ابتسامة ساخرة
ــ وثني..! كيف..!؟
ــ أقصد أنه يقام على أسس وثنية، تتبعون فيه حركة الهلال، هذا الذي أمريكا وروسيا تبني فيه شققا فاخرة..
لم تصدق ما سمعته أذناها، نادت على ابنتها التي أتمت دراساتها في فرنسا: آمنة..! هل تعلمين ماذا قال أبوك...، أمريكا وروسيا يبنون في القمر، تصدقين هذا..؟
آمنة التي غمرتها ضحكة صاخبة من سخرية أبيها لم تجد بدا إلا أن تقر لها:
ــ نعم أيو.. هم يبنون هناك قواعد عسكرية..
ــ قواعد عسكرية.. هه..! وماذا سيحاربون هناك، ملائكة الجلال؟؟
كان القائد في ذلك اليوم قد غطس في الشرب وهو يفلسف في قضايا البناء في الفضاء ليستذرك أن وثنية رمضان فاقت حركة القمر، انتبه إلى أن اليوم الرمضاني أيضا يبدأ بمعلم وثني وينتهي عند معلم وثني آخر.. يا إلهي..! هو وثني بالفعل.. يبدأ الصوم بظهور نجم الثريا وينتهي عند مغرب نجم الشمس.. لكن مصيبة اليوم، لعنة رمضان على القائد هي أن بلغ منه الشرب مبلغا كبيرا، وفي مغرب ذلك اليوم دخل عليه أحد العامة يشتكيه في أمر هام حصل بالدائرة، كان القائد يريد تهدئته، سأله عما إذا كان قد فطر أم لا، ولما رأى أن عليه دعوته للفطور أولا ثم بعد ذلك النظر في الأمر، أشار عليه أن ينتظر أن تحضر له زوجته الشاي لأن شايه هو بدون سكر، وعلى سرعته العفوية قام الضيف ليسكب كأس من شاي القائد مرددا:
أنا أيضا منعني الطبيب من تناول السكر
هناك تعليق واحد:
هههه جميل
صباح الخير
ماماس
إرسال تعليق