وافق مجلس وزراء الإتحاد الأوربي الإثنين الفارط على قانون يتم بموجبه تمديد ساعات العمل في الأسبوع من أربعين ساعة إلى 65 ساعة مما يعد الإجراء الأهم الذي يأتي بعد قانون طرد المهاجرين وحجزهم لمدة 18 شهر كجزاء عقابي لمجرد تواجدهم اللاقانوني داخل الإتحاد الأوربي.
القانونان في الأساس يهدفان من جهة إلى الإعتماد على العمالة القادمة من أوربا الشرقية وطرد العمالة القادمة من الجنوب وتقنين الهجرة بما يتلاءم ووثيرة الغناء الفاحش للمؤسسات المتعددة الجنسية وذلك عن طريق العقود الموسمية التي عمليا تعبر عن التجسيد الحقيقي لتمديد أسبوع العمل انطلاقا من كون أغلب العمال الموسميين سواء في إسبانيا أو في غيرها كان لايؤدى لهم عن ايام العطل أو الساعات الإضافية و من جهة أخرى سيساهم هذا القانونو بشكل كبير في ارتفاع مستوى البطالة في صفوف العمالة المحلية ويمكن اعتبار قانون تمديد ساعات الأسبوع هذا تراجعا حقيقيا وضربا لمكتسبات الطبقة العاملة التي حققتها طيلة 150 سنة من النضال أي بالتحديد منذ مايو 1886 عند اغتيال مجموعة من العمال من طرف رجال الأمن في تشيكاكو في اضراب كانت أحد نقط ملفه المطلبي تحديد ساعات العمل في اليوم في ثماني ساعات.
أما التبرير الوحيد لكلا الإجراءين فهو انه سيؤدي إلى إلحاق الدول التي تتواجد في ظروف سيئة بالركب الأوربي المجيد، هذه المبررات هي بدون شك لاتنطبق على سياسة التقارب الإقتصادي الذي، في حالة العجز العام، يفرض خوصصة الخدمات العامة أو تحويل الصناعات البالية وتفويت الأراضي الزراعية لخلق الزراعات الكثيفة وإلا فإن هذه الدول لن تدخل إلى منظومة الإتحاد الأوربي.
يجب الإشارة إلى ان هذا القانون كان قد اقترح من طرف الرئيس الإيطالي اليميني بوريسكوني سنة2005 ولم يتم التوافق عليه في حينه لصعوبة ملاءمته مع القوانين المحلية من جهة وفشل التصويت على الدستور الموحد لأوربا الذي لو نجح سيكون الإطار الملائم لذلك.
عمليا وبعد الموافقة على هذا القانون، ستضغط الشركات المتعددة الجنسيات على الحكومات لتمديد ساعات الأسبوع بطريقتين هما: التهديد باللا استقرارها وذلك في اتجاه الإستثمار خارج الفضاء الأوربي(في المغرب تم تفويت آلاف الهكتارات لهذه المؤسسات بشروط لا تاخذ بعين الإعتبار التنمية المحلية) أو الإنتشار الدائم مع تمديد ساعات اليوم الطريقة الثانية وتدخل في إطار التوجه الذي تبناه بولكنستين حتى وإن لم تتم الموافقة عليه , فهو عمليا قد بدأ من خلال إلتواءات حربائية في عملية التعاقد مع اليد العاملة في البلد الأصلي وهوأنه إذا كانت حملة ما في بلد أصلي ما عليها أن تحول اليد العاملة إلى بلد آخر أوربي فإن قانون الشغل الذي يجب أن يؤطر هذه العمالة هو قانون شغل البلد الأصلي حتى وإن تناقض مع القوانين المحلية أو حتى إذا تعلق الأمر ببلدان أوربا نفسها بمعنى إذا كان الحد الأدنى للأجور في رومانيا مثلا هو 300 أورو فإن العامل الروماني الماجور في إسبانيا مثلا يجب ان يتلقى الأجر نفسه وهذا بالتحديد مايفسر تحجم الباطرونا في إقليم ويلبا مثلا من عدم احترام أداء الأجر المنصوص عليه محليا ولا احتساب الساعات الإضافية وكذا أيام العطل معتبرين أن العمال يتلقون في بلدانهم أجرا أقل بكثير مما يتقاضون في إسبانيا وهذا ما سيؤدي تاليا إلى إغراق سوق الشغل في البطالة المحلية كما سيؤدي تاليا إلى عزل العمال الأجانب محليا وعزوف العمال المحليين عن خلق أي شكل من أشكال التضامن مع العمال الموفدون .
يتضح جليا أن الحاسم في توجيه السياسة الاوربية في إطار توجهها النيوليبيرالي هم الشركات المتعددة الجنسيات، فهي تملك ادوات الضغط التي تتيح لها توجيه الحكومات الأوربية نحو انتاج علاقات الإنتاج التي بها تحكم خطها التصاعدي في استغلال الشعوب وخيراتها وبالتالي ليس البرلمان الأوربي سوى احد آليات هذه العملية التي تشرعن مثل هذه التوجه وبالتالي لاخيار للحكومات سواء كانت من اليسار أم من الوسط من سن سياسات لاتنسجم مع هذا التوجه. كنتيجة حتمية لهذا التوجه ستزداد الشركات تراكم غناءها ويتقوى لوبيها داخل منافذ صنع القرار بينما سيضطر العمال تحت تهديد فقدان الشغل فاقدين لأي توجيه نضالي مما يفرغ دور النقابات والهيآت المدنية من محتواها الفعال خصوصا وانها ما زالت تتخبط في خطها الكلاسيكي الذي لم يستوعب بعد حركية هذه الشركات في انتشارها وتنقلها من منطقة إلى أخرى ودور هذا التنقل في تشتيت صلب الوحدة العمالي وما يصاحب ذلك من هضم للحقوق على مستوى الحق في الإستقرار والسكن وهضم أيضا للحقوق الإجتماعية والسياسية.
عــــــــــذري مـــــــــــــــــــازغ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق