الجمعة، 20 يونيو 2008

جراح قديمة

تستهويني الذروب القديمة، أنتعش في ظلالها الرطبة، حين كانت القشلة تحاكيني، تعتليني الرطوبة في عتبة بابها المطل نحو الهروب، يتجمد فينا الأمل، كانت القشلة تمدد ظلالي في ساحة العشق، ابتداء أحلم بصبيب القبل يتدفق في وجه المرايا وترسو في عيني كالسهام، كانت القشلة امتدادي، أستحم تحت رقصة الغيوان حين يرنمها طقس البراري، الغابات طريقي والبحر عكازي ولا أحد يستطيع ان يحرق مائي.
أنام على ظهيرة الفجر حين يكتويني الليل، تتربصني كوابيس الآتي في هجمة الغدر واللف، تلتفني هذه الأقدار حين تحزم فراغي في كومة الطمس، وهذه يدي تلوح في صيحة الغوث، سيدي إفني قالت لي هذا المساء:
تكبرني كثيراهذه القشلة الهمجية وأنا بعد لم أحمل صدريتي.
مادخل القشلة حين يكون البحر مائي والأرض بساطي والأسماك أرجوحتي، الدخلة ليلي وأنا غاد إليها، ينعشني عناق الرمل في امتداد الساحل وتكبر الغابات في أفقي فتصغر القشلة وحدها في عيني ، يكتنفها الجدار العازل واحطاب الحديد والنار، يكتنفها الجبن من كل جنب، لذلك كانت غزوتها افتراسا للربيع وأزهار المشمش حين كانت تحتضن الفراشات.
في الليلة ذاتها اغتصبت سيدي إفني غدرا، كانت الثكنات تزرع الرعب وكان الصمت سيدا والقشلة تتمرن في هدير السكون، تتعلم أن تسبح فوق دماء الفراشات
القشلة كابوس يحتضن صدر مدائننا التي تأبى الضياع، لذلك كانت سيدي إفني تصيح في امتداد الصمت، ويخترق ذويها جدار الطمس:
مادخل القشلة حين أرسم رايتي على امتداد الرمل
مادخل القشلة حين أحاصر هذه الأرضة القاتلة حين تزحف فوق أرضي
مادخل القشلة في أن لا أكتم أنفاسي في امتداد الضياع.
تخنقني القشلة وتخنق أنفاسي، كل هذه الحواجز الأمنية تمتص دمي، ريعها حطب المدائن ودخان الآتي، وهذا اليسار القائم في قشة الظلمة يقتلني، وحدها الجماهير أيقظتها تفاهة الوقت ووحدها تسير فيما اليسار يبحث عن قوارب النجدة.
لا أحد منا أيقظته الفجوة.
تعجبني البيانات الصاخبة في قطرة الغوث حين تحرر أكباش الضحية، كانت القشلة وحدها تختمر وتنفجر في دمس الليل وتأتي على جدار المدينة وكنا نحن نحتج، يسكن الإحتجاج حرثنا، فهل نحن نصنع التاريخ؟
يتطاوى الأرز في عيني حين تنقرض الغابات، وتستطيل القشلة في أفقي، تسخر من طولي، وتعمق جراحي القديمة.

ليست هناك تعليقات: