الاثنين، 11 أغسطس 2008

الى زهرة بودكور

محاديا للظل، أحمل هيأتي كشيخ أعيته السنون، مثقلا بتداعيات الأيام وتعب الذاكرة، تصاحبني سحابة من الهموم وتعزلني كأنما الذروب شقت بيني وبين البيوتات المترابطة بأغطية الوادي، تسكن الصفرة قشرتي، وتعتليني الرتابة ، الرتابة الجامحة فوق أفقي، ترسم ضياعي المنذور لحياة العبس، يشتهيني هذا الحزن الذي جررته معي من عتمة الطفولة، يغريني الترحال كيما أتحرر من هذه الأثقال،أنفثها قطعة قطعة، وهي لا تلبث تلازمني كالظل وتمتص دمي ، لم تمسح الهجرات منارتي المبنية بهذ الحثالة من الذكريات، مازالت تركبني تفاصيل الخرافات المستلقية، تستحم تحت سقف المئذنة، يناديها صوت الذهاب فتستفيظ، تستقيم اللعنة في جدارها، تحصد أمنيات الآتي وتركعني فوق صمك الهجرة، لم تفصح الهجرة لي ولم تغلق في دواخلي شهيق الغياب، الساعات ذاتها الساعات في زمن الضيق، المسافات هي ذاتها المسافات في قارة الوعود وكل الأكل الذي أكلته، كان من مزابل العولمة، كل ما ننهشه في المزابل الأوربية كان حيض هذه القارة العزباء واللباس الذي حفظته كان حلما من وهم الترحال، الآن لا تسعفني هذه الطامة، تقتلني البرودة في حميمية الظل، ينعيني صوت آنة الفراق، تنعيني أيضا رنة الحزن في شفق السجن، ليس ما يفرق بيننا الا هذه الآهة: يرثيني صمك الجدار، مراكش كانت وحدها تحتضن السراب، كانت تنادي: هذه أرضكم أيتها الآلهة فاحفظوها، نادتني طفولتها السجينة، كانت تقاوم ظلمة الجدار، وتحتضن في ثناياها كل نداءات الشعراء، وكل آنة الطفولة ، فما الفرق اذن بين آنة الطفولة وآنة البراءة؟
يرثيني الصدى متمزقا بين ثنايا اللقاء، أتلمس حماسة زهرة بودكور حين رأت: أن القصيدة تنبت في السجن وأن السجان ليس الا قابل هذه الولادة المجيدة، اذ مالفرق بين ألم الولادة وألم المخاض؟
أغبياء نحن من ينهشون في مزابل العولمة، الهجرة ليست الا هذا النهش في المقبرة ، لزهرة الحق أن تعلن الولادة، وللجلادين أن يعلنوا اسم المولود دون خجل، كانت ترنمني كثيرا قصائد سيدي افني : الحصار البيروتي، سمفونية التجويع الفاسي الجفافي وفضائح أخرى، تنجيني النجاة حين أحملها في ثناياي، كانت بامتياز فاشية، وتلهمني بعذوبة الحل محتضنا حكومة فاشية، تستند ا لى المولى، تقديرا لتفاهة الاقتراع فهل نحن هذا التوجه السافر للديموقراطيةالتي تسير على عواهنها؟ تقتلني كثيرا أبجديات الديمقراطية حين لا تكون على عواهنها

ليست هناك تعليقات: