الأحد، 19 يوليو 2009

لوكنت الشجر لاشتعل الجحيم


مهداة إلى زهرة السجناء بالمغرب , زهرة بودكور
"مور ديكي ثاسافث أذ اشعل أحديق "
"أديفغ واكونو أتناين إنجذا" (لو فيي الشجرة لاشتعل الجحيم/ ليخرج دخاني وتعاينه المارة)
تتأججني الغربة وحرقة الاشواق , أسير ذكريات محمومة, تشدني إلى وطن يتغذى على حمد الله, سائحا في ملكوت التيه, تأتيه المعجزات كمملكة النمل, حين لا يغرقها الطوفان : الأفواه الصغيرة دائما لا تتجرع الغرق.
حين يسكنها الغرق...
وتختمر فيها تداعيات الأشياء
لمثونة المحتشمة, تحتجب من لفحة الشمس
ولا تكترث لصوت الصياط

أنام على أجيج العواصف, رأيت في المنام رفوف الأنبياء القادمين من زحمة الوقت تمتطي بردعة الحال, يهلهلون أن اعتصموا بحبل الله, قال لهم شيخ هرم في ذلك الصباح:
" لقد ضاع منا الحبل".

في ثكنة المولى ينام رأس الدولة على أنين المساجين, تحمد عقباها قوانين العدالة الساهرة على سكرة الموتى, عدالة قاتلة هي تلك الحصون, تخنق الأنفس, فيالها من قوة ترهب جدار الطمأنينة, وتقتل في الوطن وداعة الطفولة, هل من دولة في هذا العالم تهجرها طفولتها؟ هل من دولة في هذا العالم تسجن طلابها وتلامذتها؟ غريب موقف القضاة الذين لا يقبلون شغب الطفولة (أقصد بالتحديد التلامذة المعتقلون من إقليم خنيفرة) .
كم هي حقا تشتهي حظوة السطوة...
Que fuerte! ( يالها من قوة! )

الدولة نائمة ولا أحد يوشوش قيلولتها الداكنة إلا زعيق الرفاق ممن تمردوا قبالة البرلمان يلعنون نباهة الوافدين على المتن الحر: فوق عباب المال الحرام, يزكم الأنوف وهم لايستحيون, تبارك الذي أوحى بهم في حصانتهم وهم لا يعلمون, إنما يستسفهك المتسفهون, هذا الحائك لنسيج الملاحم ينادي في الأمة أن ينتخبوا الضالات من الحمائل, (برلمان لحوالة حسب تعبير العامة) لتحج إلى مقهى القبة حيث فضاء السمسسرة ينتعش

تستهويني واجهة القبة, مسرح الكوميديا الإلهية
أبغيها فتستغبيني.
لكنني لا أبالي , لأني لا أفقه في السياسة

قليلون هم وحدهم من تشبثو بصحوة الأرق في هذا الوطن المليئ بالجياع. قليلون هم أيضا من أفلتوا من تخمة الصبر ولم يستكنوا إلى ضالة الحمد.
قليلون هم صيحة هذا الوطن وكثيرون هم منا من أضاع البوصلة, ومع ذلك يتسامرون, يرقصون ويغنون.

غريبة قارة هذا الوطن حين يختمر الرقص فيها ويتفجر فيضا زعيق المهرجانات الغنائية كأنما استكملت دورة الحصاد , وجمعت محاصيل النماء ولم يعد يبقى إلا السهر, كم هو جميل مغرب الرحل حين كانت تنعش دورة الترحال بين الساحل والجبل, كان الناس فيه يتحسسون بشغف امتداد هذا الوطن, يتحسسونه خطوة بخطوة, وكانت الأعراس أعراس هذا الإمتداد, أما الآن فقد جزرت مواقع الترحال ولم يعد للوطن رائحة , كل هذه الأرض, أرضنا, اغتصبتها حوافر العولمة, فاغترب الترحال فينا, كل ما يجدينا, كل المواقع الجميلة, كل الهواء والماء, كل الفرح, كل شيء منزوع منا بقوة الرساميل العابرة, تدمره والعين بصيرة... الأيادي مكسورة, فهل كل هذا الفقدان وهذا الخلل في الوجدان هو مايزكي فينا دولة الشطط؟.
أشتاق إلى رائحة الوطن
إيوا سيوراس .... (إيوا كلميه, مقطع من أغنية أمازيغية تغنى في رقصة أحيدوس)

كل هذا الفقدان يزكي فينا نزعة الإحتجاج الوجداني, المرتبط عمقا بالروح وليس ردة الفعل, نحن شمس هذا الوطن الحقيقية, نحن أياديه التي لا تعيل وليس رغام هذا الزمن المتهالك الذي يستمجد بضجيج المهرجانات الصاخبة, يرسم بها معالم جنونه الذاهب إلى الجحيم. إنها هستيريا التمسك بالرمق الأخير في حضرة الإحتضار .
هستيريا جنون العولمة.
مات مايكل جاكسون,
ياللخصارة حين يفتقد المواه‏

في المغرب, كل الإحتجاجات التي خرجت عفويا تنبيء بهذا الرفض الوجداني , انتهى زمن الدوخة السياسية حين كان "العالمون", فقهاء العدوة, وحدهم الخطباء يتفننون حبكة المغفرة والنجاة وكنا نحن, المشاؤون بضلالة, وكان الوطن أرض التوبة لمن بايع شموخ الخوصصة وأطلق ساقيه للرياح, راحلا بالطلاق, ليرتاح منه الجميع, ويرتاح هو منهم.
إنما جئت لألومك
ديخد أشملماخ أريد أشمغولخ ( جئت لألومك لا لأعيدك , من الشعر الشفهي الأمازيغي)

اسقيني أيها الساقي.
اسقيني الخمر حتى أراني أحسب الديك حمارا (من خمريات أبو نواس).


عذري مازغ ‏24‏/07‏/2009

ليست هناك تعليقات: